الشيخ عبد الرحمن بن مرعي المُفتَرى علي
الحلقة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ
الحمدَ لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا ، من يهدهِ الله فلا مضلَ له ومن يضلل فلا هاديَ له ، وأشهدُ
أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له , وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
أمَّا بعدُ ...
فقد طلب بعض الإخوة الأفاضل من طلاب العلم أن أكتب الحلقة الثانية من مذكرة : " الشيخ عبد الرحمن بن مرعي المُفتَرى عليه " فأجبت طلبه مستعيناً بالله أن يجعل هذه الكتابة خالصةً لوجهه نافعةً لعباده ، فأقول :
ذكرتُ في الحلقة الأولى من هذه المذكرة " الأدلة من القرآن والسنة وأقوال السلف " على عاقبة المفترين بما فيه نصحٌ للمسلمين ، وذكرتُ فيهِ الفِرْية العظيمة التي اُتُّهِمَ بها الأبرياء وهي الحزبية ، وقد رددتها من عشرة أوجه ولله الحمد والمنة .
واليوم نذْكُرُ لكم أنَّ هذا الخُلُق ألا وهو "بهت الناس والافتراء عليهم" هو من صفات المشركين واليهود والمنافقين وأهل البدع المضلين فلا ينبغي لمسلم أن يتصف به فضلاً عمَّن ينتسب إلى العلم والصلاح .
روى الإمام البخاري - رحمه الله - بسنده من حديث أنس - رضي الله عنه - قال : " بلغَ عبد الله بن سلام مَقدمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فأتاهُ فقال : ( إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنَّ إلاَّ نبي ) قال : ( ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ ومن أي شيء يُنْزَع الولد إلى أبيه ومن أي شيء يُنْزَع إلى أخواله ؟) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنفاً جبريل) قال : فقال عبد الله : ( ذاك عدو اليهود من الملائكة ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أمَّا أول أشراط الساعة فنار تَحْشُر الناس من المشرق إلى المغرب ، وأمَّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت ، وأمَّا الشَبَه في الولدفإنَّ الرجلَ إذا غشيَ المرأة فسبقها ماءه كان الشبه له ، وإذا سبق ماءها كان الشبه لها ) قال : ( أشهد أنكَّ رسول الله ) ثُمَّ قال : ( يا رسول الله ، إنَّ اليهود قوم بُهت , إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك ) فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ ) قالوا : ( أعلمنا وابن أعلمنا ، و أخيرنا وابن أخيرنا ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أفرأيتم إن أسلم عبد الله ؟ ) قالوا : ( أعاذه الله من ذلك ) فخرج عبد الله إليهم فقال : ( أشهدُ أن لا إله إلاَّ الله ، وأشهدُ أنَّ محمداً رسول الله ) فقالوا : ( شرنا وابن شرنا ) ووقعوا فيه " كتاب الأنبياء حديث رقم ( 3329 ) .
وذكره في كتاب مناقب الأنصار برقم ( 3911 ) وفيه :
" ... قال : ( فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيَّ ما ليس فيَّ ) .... ثُمَّ سألهم عنه فقالوا : ( سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا ) ولمَّا عَلِموا إسلامه عندما قال لهم : ( يا معشر اليهود اتقوا الله فو الله الذي لا إله إلاَّ هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاءَ بحق ) فقالوا : ( كذبت ) فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وذكر الحافظ في الشرح قال : " وفي رواية يحيى بن عبد الله : ( قالوا : كذبت ووقعوا فيه ) " ، وقال أيضاً في الشرح : " وفي رواية يحيى بن عبد الله : ( فقلت يا رسول الله ألم أخبرك أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور ) " .
وفي كتاب التفسير برقم (4480) : " ... فقالوا : ( شرنا وابن شرنا ، وانتقصوه ) قال : ( فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله ) " .
أمَّا بعدُ ...
فقد طلب بعض الإخوة الأفاضل من طلاب العلم أن أكتب الحلقة الثانية من مذكرة : " الشيخ عبد الرحمن بن مرعي المُفتَرى عليه " فأجبت طلبه مستعيناً بالله أن يجعل هذه الكتابة خالصةً لوجهه نافعةً لعباده ، فأقول :
ذكرتُ في الحلقة الأولى من هذه المذكرة " الأدلة من القرآن والسنة وأقوال السلف " على عاقبة المفترين بما فيه نصحٌ للمسلمين ، وذكرتُ فيهِ الفِرْية العظيمة التي اُتُّهِمَ بها الأبرياء وهي الحزبية ، وقد رددتها من عشرة أوجه ولله الحمد والمنة .
واليوم نذْكُرُ لكم أنَّ هذا الخُلُق ألا وهو "بهت الناس والافتراء عليهم" هو من صفات المشركين واليهود والمنافقين وأهل البدع المضلين فلا ينبغي لمسلم أن يتصف به فضلاً عمَّن ينتسب إلى العلم والصلاح .
روى الإمام البخاري - رحمه الله - بسنده من حديث أنس - رضي الله عنه - قال : " بلغَ عبد الله بن سلام مَقدمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فأتاهُ فقال : ( إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنَّ إلاَّ نبي ) قال : ( ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ ومن أي شيء يُنْزَع الولد إلى أبيه ومن أي شيء يُنْزَع إلى أخواله ؟) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنفاً جبريل) قال : فقال عبد الله : ( ذاك عدو اليهود من الملائكة ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أمَّا أول أشراط الساعة فنار تَحْشُر الناس من المشرق إلى المغرب ، وأمَّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت ، وأمَّا الشَبَه في الولدفإنَّ الرجلَ إذا غشيَ المرأة فسبقها ماءه كان الشبه له ، وإذا سبق ماءها كان الشبه لها ) قال : ( أشهد أنكَّ رسول الله ) ثُمَّ قال : ( يا رسول الله ، إنَّ اليهود قوم بُهت , إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك ) فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ ) قالوا : ( أعلمنا وابن أعلمنا ، و أخيرنا وابن أخيرنا ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أفرأيتم إن أسلم عبد الله ؟ ) قالوا : ( أعاذه الله من ذلك ) فخرج عبد الله إليهم فقال : ( أشهدُ أن لا إله إلاَّ الله ، وأشهدُ أنَّ محمداً رسول الله ) فقالوا : ( شرنا وابن شرنا ) ووقعوا فيه " كتاب الأنبياء حديث رقم ( 3329 ) .
وذكره في كتاب مناقب الأنصار برقم ( 3911 ) وفيه :
" ... قال : ( فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيَّ ما ليس فيَّ ) .... ثُمَّ سألهم عنه فقالوا : ( سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا ) ولمَّا عَلِموا إسلامه عندما قال لهم : ( يا معشر اليهود اتقوا الله فو الله الذي لا إله إلاَّ هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاءَ بحق ) فقالوا : ( كذبت ) فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وذكر الحافظ في الشرح قال : " وفي رواية يحيى بن عبد الله : ( قالوا : كذبت ووقعوا فيه ) " ، وقال أيضاً في الشرح : " وفي رواية يحيى بن عبد الله : ( فقلت يا رسول الله ألم أخبرك أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور ) " .
وفي كتاب التفسير برقم (4480) : " ... فقالوا : ( شرنا وابن شرنا ، وانتقصوه ) قال : ( فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله ) " .
هذا الحديث العظيم فيه مسائل :
|
(1) البحث عن الحق وتَحَريه كما هو ظاهر من فعل ابن سلام -رضي الله عنه - عند مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة .
ومن هؤلاء الباحثين عن الحق سلمان الفارسي - رضي الله عنه - ورحلته طويلة في البحث عن الحق وحديثه حسنه الشيخ العلامة مقبل الوادعي - رحمه الله تعالى - في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين برقم (440) .
فالحق عزيز وطالب الحق يبحث عنه ويقرب من أهله .
وكم من أقوام ضعفت هممهم عن معرفة الحق وتحريه واختاروا لأنفسهم أن يكونوا أسرى لأقوال من تعصبوا له لا يخرجون عنها قيد شبر .
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : " وليس عند أكثر الناس سوى رسوم تلقوها عن قوم مُعَظَّمِين ثُمَّ لإحسان ظنهم بهم قد وقفوا عند أقوالهم ولم يتجاوزوها ، فصارت حجاباً وأي حجاب " انظر طريق الهجرتين ص (215) .
وقال العلامة صديق حسن خان : " إنما يعرف الحق من جمع خمسة أوصاف أعظمها الإخلاص والفهم والإنصاف ، ورابعها وهو أيضاً أقلها وجوداً وأكثرها فقداناً الحرص على معرفة الحق وشدة الدعوة إلى ذلك " .
وقال أيضاً : " فإنَّ الحق مازال مصوناً عزيزاً نفيساً كريماً لا يُنَال مع الإضراب عن طلبه وعدم التَشَوُّق والإشراف إلى سببه ، ولا يهجم على البطَّالين المعرضين ، ولا يُناجي أشباه الأنعام الضالين "
انظر ( قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر ) ص (175) نقلاً عن كتاب الصوارف عن الحق للعثمان .
(2) القرب من أهل العلم والفضل وسؤالهم .
ذكر الإمام مسلم في صحيحه ج1 كتاب الإيمان ( باب آخر أهل النار خروجاً وآخر أهل الجنة دخولاً فيها ) ذكر عن يزيد بن صهيب الفقير قال : " كنتُ قد شغفني رأي الخوارج ، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثُمَّ نخرج على الناس " قال : " فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحَدِّث القوم جالساً إلى سارية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" فإذا هو قد ذكرَ الجهنميين " قال : " فقلت له : " يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تُحَدِّثون والله يقول : ( إنكَّ من تُدْخِل النار فقد أخزيته ) و ( كلما أرادوا أن يخرجوا منها أُعِيدوا فيها ) فما هذا الذي تقولون ؟ " قال : " فقال : ( أتقرأ القرآن ؟ ) قلتُ : نعم ، قال : ( فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم ، يعني الذي يبعثه الله فيه ؟ ) قلت : نعم قال : ( فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخْرِج الله به من يخرج ) " قال : " ثُمَّ نعت وضع الصراط ومر الناس عليه " قال : " وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك " قال : " غير أنه قد زعم أنَّ قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها " قال : " يعني فيخرجونَ كأنهم عيدان السماسم " قال : " فيدخلونَ نهراً من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس " فرجعنا قلنا : " ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعنا فلا والله ما خرجَ مِنَّا غير رجل واحد " أو كما قال أبو نعيم
فتأمل إلى فضيلة القرب من العلماء ومجالستهم ، أتوا إلى جابر وهم يريدون الخروج على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وكانت عندهم شبه يحسبونها حججاً وبراهين فإذا بها تضمحل وتتلاشى أمام أهل العلم . انظر كيف ظهر لهم أنهم على ضلال وباطل لمَّا جالسوا العلماء وسمعوا منهم وعملوا بنصحهم ، وفيه الرجوع إلى الحق ،وبعضهم قد يأنف أن يرجع عن خطأه ويقول : ( ماذا سيقول الناس عني ؟ ) وهذا من الخذلان .
فنأسف لمن جالس العلماء في هذه الأزمنة التي كثرت فيها الفتن ثُمَّ لم يسألهم كيف يتعامل مع الفتن وما هو المخرج منها !! .
ونأسف أشد الأسف لمن جالس العلماء ونصحوا له ثُمَّ لم يعمل بنصحهم !! .
(3) حرص الداعية على هداية قومه كما هو ظاهر من فعل الصحابي الجليل عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - .
وقد كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يحرص على هداية قومه حتى قال الله له : (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) الكهف . باخعٌ : مُهْلِك .
وهكذا حكى الله - عزَّ وجل - عن الرجل الصالح كما في سورة يس أنه دعاهم إلى الله فلم يقبلوا منه بل قتلوه ثُمَّ لمَّا بشَّرَهُ الله بالجنة تمنى أنَّ قومه يعرفون مكانه وأنه فاز ليكون ذلك سبباً لرجوعهم إلى الله .
الشاهد أنه حرص على رجوعهم إلى الله مع أنهم ما قبلوا منه الدعوة إلى توحيد الله بل قتلوه ، قال ابن عباس - رضي الله عنه - : " رحمه الله حرص على هداية قومه حياً وميتاً قال الله عنه : ( ... قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) " .
وهكذا الداعي إلى الله يكونُ رحيماً رفيقاً حليماً حكيما عنده علم ومعرفة بما يدعو إليه ، ومن هُنا نسأل سؤالين ونترك الجواب للعقلاء .
(1) هل سلك الشيخ يحيى الحجوري في هذه الفتنة مع الشيخ عبد الرحمن بن مرعي مسلك الرفق أم الهلاك ؟!! .
(2) هل هذا المسلك الذي سلكه الحجوري في هذه الفتنة والحملة الشرسة على علماء أهل السنة ومشايخها والدعاة إلى الله في الداخل والخارج هل هو محمود أم مذموم ؟!! ، وإذا كان مذموماً هل يُسْكَت عنه فينشأ عليه الصغار ويهرم عليه الكبار فيتخذونه منهجاً أم يُنكر عليه حتى يُحْذَر ؟!! .
(4) من أسباب البهت : ضعف الوازع الديني وقلة الخوف من الله
ولذلك قال لهم لمَّا بهتوه : " اتقوا الله إنكم لتعلمون ... " فالذي يخاف من الله تعالى يحاسب نفسه على الكلمة التي تخرج من فيه لماذا تكلمت ؟وماذا أردت بهذا الكلام؟ وهل فيها نفع أم ضرر فإنَّ الله يقول : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )وقد رجَّحَ الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية أنَّ الملكين يكتبان كل ما يتكلم به الإنسان حتى الكلام المباح .
(5) من أسباب بهت الناس إتِّباع الهوى والانتصار للنفس ولو بنسج القصص والأكاذيب على فلان وفلان من الناس
وقد قال الله - عزَّ وجل - : ( يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ ) سورة : ص .
(6) من أسباب بهت الناس العداوة المفرطة .
قال - صلى الله عليه وسلم - : " أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما " والحديث صححه العلامة الألباني - رحمه الله - .
ولذلك كم سمعنا في هذه الفتنة من افتراءات واتهامات كبيرة وكثيرة يَتَحَيَّر منها الإنسان وما جاءت إلاَّ بسبب غياب الميزان الشرعي في الحب والبغض في الله .
قال عمر - رضي الله عنه - : " لا يكون حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً " .
وعلاج ذلك كله هو تحكيم الكتاب والسنة على الأقوال والأعمال واللجوء إلى الله وأن تتعوذ به من مضلات الأهواء والفتن وأن تدعوه أن يهديك إلى أن تقول كلمة الحق في حال الرضا والغضب .
عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات فأمَّا المهلكات فشح مطاع وهوى مطاع وإعجاب المرء بنفسه ، وأمَّا المنجيات فالعدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى وخشية الله تعالى في السر والعلانية ) رواه الطبراني في الأوسط ، وحسنه الألباني في الصحيحة برقم (1802) ، وحسنه كذلك في صحيح الجامع مطولاً برقم (3045) .
(7) فيه أنه ليس كل من ضل وانحرف ينحرف عن جهل بل قد ينحرف عن الحق من له معرفة تامة بالحق وعلم .
فإنَّ قلت كيف ينحرف من هو عالمٌ بالحق ؟! نقول لك : ينحرف إذا لم يعمل بعلمه كحال اليهود كما مر معنا في هذا الحديث وقول عبد الله بن سلام لهم : " إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق ... " .
وذلك أنه قد يعترض هذا المنحرف من الصوارف ما تكون سبباً لغوايته وهي كثيرة جداً منها : ( الكبر - الإعجاب بالنفس - الحسد - حب الرياسة - طلب المال والجاه ) إلى غير ذلك من الصوارف .
والآن نذكر لك جملةً من الأمثلة على بهت الناس
|
(1) قال الحجوري في ثناءه على الشيخ عبد الرحمن بن مرعي العدني في شريطٍ له طويل نأخذ بعضاً منه : " وأخونا الشيخ عبد الرحمن رعاه الله ذو القدم الراسخ وذو العقل الراجح وذو العلم المتين "
وقال : " إخواني في الله إنَّ دعوة يقوم فيها مثل الشيخ عبد الرحمن يُرجى والله سيرها ويُرجى نصرها ويُرجى بثها ويُرجى نفعها ويُرجى محبة الناس لها ونحمد الله على ذلك " .
وقال أيضاً : " فالشيخ عبد الرحمن أنتم تعرفونه من قبلي نعم وقد كان شيخنا عليه رحمة الله يعول عليه بالرسائل والمعضلات فإن شاء الله يقوم بهذا الواجب ويُساعد فيه وهو أهلٌ لذلك كما تعرفون " .
(2) وقال الحجوري في كتابه الطبقات ص 33 :
تحت عنوان : ( رؤوس الطبقة الأولى .... - ثُمَّ قال - كبار مشايخ الدعوة السلفية في اليمن وعلماؤها الذين تدور عليهم الفتوى في البلاد نذْكُرهم مرتبين على حروف المعجم ... - ثم قال - 2- الشيخ الفاضل أبو عبد الله عبد الرحمن بن عمر بن مرعي بن بريك العدني ذو عقلٍ راجح أتاه الله من العلم خيراً كثيراً مع تواضع جم وثبات على السنة ... ) .
هذا مدح الحجوري وثناؤه على الشيخ عبد الرحمن بن مرعي - حفظه الله - ثُمَّ انظر إلى ذمه فيما بعد للشيخ عبد الرحمن العدني حتى تقف على حقيقة الأمر ويتضح لك أنَّ الحجوري ومن معه في هذه الفتنة سلكوا مسلك البهتان فَحُقَ لك أن تقول لهم : " إِنَّكُم قوم بُهتٍ "
قال الحجوري - هداه الله - :
(1) " عبد الرحمن مرعي يتوب إلى الله عزَّ وجل وهو من طلابنا ، وهو من طلابنا يتوب إلى الله " راجع مذكرة ماذا ينقمون على الشيخ الحجوري ج 1
(2) وقال عنه : " ماكر - فاتن - مفتون - حزبي - مميع - مريض - رأس عصابة - ضايع - لا جزاه الله خيراً - فرغي - أختان نفسه - قلقل في الدعوة " راجع مذكرة ماذا ينقمون ج 6 .
(3) وكذلك وصفه للشيخ عبد الرحمن العدني بقلة العلم و بأنه ليس عنده جهود في الدعوة بل يحوم حول الدراري فقط ويقول للمشايخ : لا تفخموه ولا ترفعوا من شأنه !! .
فقارن بين أقوال الحجوري الأخيرة في الشيخ عبد الرحمن العدني وبين مدحه السابق له ترى قفزة هائلة جداً فبالأمس القريب وصفه بأنه من العلماء وكبار المشايخ الذين تدور عليهم الفتوى في البلاد وبأنه صاحب القدم الراسخ والعقل الراجح والعلم المتين واليوم هو عنده مجرد طالب علم ليس عنده جهود بل يحوم حول الدراري .
( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )
هذا وقد بهت الحجوري كثيراً من المشايخ وطلاب العلم كالشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي والشيخ العلامة عبيد الجابري والشيخ عبد الله بن مرعي العدني والشيخ سالم بامحرز وغيرهم كثير .
هذا وقد سلك هذا المسلك كثير من أتباع الحجوري من طلاب العلم ومن غيرهم مسلك البهتان والافتراء والظلم للناس ولا ندري هل هذا المسلك الذي يسلكونه في معاملتهم لمن يخالفهم هو منهج يسيرون عليه يُجَوِّزُ لهم ظلم الناس والافتراء عليهم أم هو خُلُقٌ فيهم فجمعهم الله فكانوا أتباعاً للحجوري ؟!!
وفي السماءِ طائرٌ اسمه بقع *** إنَّ الطيورَ على أشكالها تَقَع .
والراجح الأول لأننا قد سمعنا من بعضهم ممن وشى بإخوانه بفرية كبيرة إلى الأمن فلمَّا حاجَّهُ الإخوة عند المشايخ اعترف أنه كذبَ عليهم لمصلحة الدعوة !!! وهذا من المشايخ عندهم !! أو بما يسمونهم بمشايخ الدار !! . وآخر وشى بالشيخ عبد الرحمن إلى الأمن في منطقته بفرية عظيمة ظاهرة البطلان حتى المخالف لدعوة أهل السنة يعرف أنَّ هذا كذبٌ صراح ، فكيف تصدر هذه المواقف ممن ينتسب إلى الصلاح والزهد ؟!! فقال هذا المفتري : " إنَّ الشيخ عبد الرحمن العدني ضد الحكومة وأنه يحرض على الفوضى والخروج على الدولة !!
فتكلم الشيخ عبد الرحمن العدني - حفظه الله - في محاضرته التي ألقاها في نفس اليوم الذي وقعت فيه الوشاية عن منهج أهل السنة والجماعة في طاعة ولاة أمور المسلمين وتحريم الخروج عليهم فظهر للناس أنهم قوم بُهتٍ (1) وآخر هو الآن يدرس عند الحجوري يقول : " من المصلحة أن يُظلم واحد ونحافظ على مركز دماج ولا يتَخَرَّب المركز !! ونسي هذا الرجل أو تناسى إخبار الله عزَّ وجل عن إهلاك الأمم بسبب معاصيهم فقال تعالى : ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) ولمَّا أنزل العقوبة بقوم لوطٍ قال : ( وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ).
_________________________________________
(1) في أثناء طبع الحلقة الثانية من مذكرة : ( الشيخ عبد الرحمن بن مرعي المُفتَرى عليه ) وقع في يديَّ مذكرة لشخص يُدعى ( صالح السعدي ) يرد فيها على الحلقة الأولى من هذه السلسلة ونسأل الله أن يهديه للعمل بمواعظ القرآن والسنة لأنني مازلت أتعجب من هذا الصنف من الناس تُخَوِّفه بالآيات فلا يخاف ، والله يقول : ( ... وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) الإسراء . ذلك أنني طالعت هذه المذكرة فوجدت فيها افتراءات كثيرة فقلت في نفسي : ( لماذا كل من كتب من أتباع الحجوري تجد في كتاباته إمَّا افتراء أو كذب أو بتر كلام ؟!! هل هذا شرط في شبكة العلوم أنه لا يكتب في الشبكة إلاَّ من سيفتري أو يبتر كلاماً ؟!! أم أنَّ هذه هي أخلاق القوم وصفاتهم ؟!! فنعوذ بالله من مساوئ الأخلاق . والافتراءات المذكورة في مذكرة الأخ كثيرة جداً أقف عند واحدة منها لأنها الأشهر والكذب فيها بَيِّنٌ جداً فقد نسب إليَّ السعدي أنني وَقَّعْتُ في براءة الذمة فأقول : هذا لم يحصل مني أبداً واسأل القدماء في الدعوة ممن هم على منهجكم اليوم يجيبونكم بالحق إن كان بقي عندهم شيء من الإنصاف .
_______________________________
والله عزَّ وجل يقول : ( ... وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا .. ) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( دعوة المظلوم مستجابة ولو كان كافراً ) فالظلم حرام (1) حرَّمه الله على نفسه وجَعَله بين العباد مُحَرَّماً كما جاء من حديث أبي ذر عند مسلم . وهذا مما يؤيد أنَّ القوم عندهم غلو في معاملة من يخالفهم فمنهم من يُكَفِّر ومنهم من يُجَوِّز الظلم للآخرين ومنهم من يستحل أعرضهم بالافتراء عليهم عند الجهات الأمنية والمعروف عند أهل العلم أنَّ هذا هو منهج أهل البدع والأهواء فنستغرب كيف حصل هذا وظهر بين من ينسبون أنفسهم للصفاء والنقاء !! فنعوذ بالله من مضلات الفتن والأهواء .
_______________________________
(1) هذا ومن الظلم والافتراء الذي لحق بنا من قِبل هؤلاء ما قاله صالح السعدي : " لم نعرفه إلاَّ في بؤرة الفتن غارقاً فيها متخبطا " وقال خالد الغرباني مدير شبكة العلوم: " خرَّاج ولَّاج في الفتن " نقلاً عن النخعي وزاد هو فقال : " خرج من حزبية أبي الحسن متأخرا " وقال آخر : " حطَّاط نطَّاط في الفتن ينط من فتنة ويحط في أخرى" قلت : انظر إلى افتراءاتهم وتهويل الأمور على من يخالفهم ولأجل هذا ترك كثير من الإخوة من طلاب العلم كتابة أسمائهم عند الردود على الحجوري و أتباعه واكتفوا بذكر ألقابهم وكناهم لأنهم يعرفون أنَّ القوم سيبهتونهم . فنقول للسعدي – هداه الله - : لقد وقعت فتن كثيرة " فتنة الإخوان المسلمين ،وفتنة الجمعيات السرورية ، وفتنة الحدادية ، وفتنة البكري ، وفتنة فالح الحربي ، وفتنة الحجوري وسلمنا الله من شرها وكُنَّا مع العلماء وأمَّا فتنة أبي الحسن فقد كان من المشايخ من لم يتكلم بعد في فتنة أبي الحسن وكان في طور المناصحة له بل كان يزكيه ويدافع عنه آملاً في رجوعه وتوبته ونحن كُنَّا ندعو إلى لزوم غرز العلماء والأخذ بقولهم في هذه الفتن وعدم مسابقة العلماء ،وقد كَنَّا نظن أنَّ أبا الحسن قد تراجع تراجعاً صحيحاً عن مخالفاته فلمَّا تكلم العلماء فيه وبينوا انحرافه و مكره وتلاعبه وتأصيلاته الفاسدة وتراجعوا عن تزكيته قبلنا كلامهم وكُنَّا معهم وأخذنا بنصائحهم وأعلنت تراجعي بكلمةٍ لي في مسجد داوود بمنطقة دارسعد بعدن كما هو معلومٌ للجميع . ثُمَّ إنَّ هذه فتنة قد مضت عليها سنوات طويلة فلِماذا هذا التعيير بما مضى ؟! فإنَّ هذا لا يجوز فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تُعَيِّروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته ) وحديث جابر بن سليم عند أبي داود والترمذي ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (1109) وفيه : " ... وإن امرءٌ شتمك وعيَّرك بما يعلم فيك فلا تُعَيِّره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه " وعند أحمد من حديث ابن عمر : " إذا سبك رجلٌ بما يعلم منك فلا تسبه بما تعلم منه فيكون أجر ذلك لك ووباله عليه " . فلأجل هذه الأحاديث يا سعدي لم أعاملك بمثل ما عاملتني به وفقني الله وإياك للعمل بالقرآن والسنة .
______________________________
وفي الختام نُذَكِّرُ هؤلاء الإخوة بقوله تعالى : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )
قال أبو العتاهية :
أما والله إنَّ الظلمَ شؤم *** وما زال المسيء هو الظلوم
إلى الديَّان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في القيامة إذا التقينا *** غداً عند المليك من الظلوم
سل الأيام عن أممٍ تَقَضَّت *** ستخبرك المعالم والرسوم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه : أبو عبد الله عبد الرحمن بن بادح العدني
إمام وخطيب مسجد السنة بمنطقة العريش
مديرية خورمكسر - محافظة عدن
في 21 ربيع ثاني 1431 هـ الموافق 6 إبريل 2010م
|